الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***
نبأ: النَّبَأُ: الخبر، والجمع أَنْبَاءٌ، وإِنَّ لفلان نَبَأً أَي خبراً. وقوله عز وجل: عَمَّ يَتساءَلُون عن النَّبَإِ العظيم. قيل عن القرآن، وقيل عن البَعْث، وقيل عن أَمْرِ النبي، صلى اللّه عليه وسلم. وقد أَنْبَأَه إِيّاه وبه، وكذلك نَبَّأَه، متعدية بحرف وغير حرف، أَي أَخبر. وحكى سيبويه: أَنا أَنْبُؤُك، على الإِتباع. وقوله: إِلى هِنْدٍ مَتَى تَسَلِي تُنْبَيْ أَبدل همزة تُنْبَئِي إِبدالاً صحيحاً حتى صارت الهمزة حرف علة، فقوله تُنْبَيْ كقوله تُقْضَيْ. قال ابن سيده: والبيت هكذا وجد، وهو لا محالة ناقص. واسْتَنْبأَ النَّبَأَ: بحَث عنه. ونَابَأْتُ الرجلَ ونابَأَنِي: أَنْبَأْته وأَنْبأَنِي. قال ذو الرمة يهجو قوماً: زُرْقُ العُيُونِ، إِذا جاوَرْتَهُم سَرَقُوا *** ما يَسْرِقُ العَبْدُ، أَو نَابَأْتَهُم كَذَبُوا وقيل: نَابَأْتَهم: تركْتَ جِوارَهم وتَباعَدْت عنهم. وقوله عز وجل: فَعمِيَتْ عليهم الأَنْبَاءُ يومئذٍ فهم لا يَتَساءَلون. قال الفرَّاءُ: يقول القائل قال اللّه تعالى: وأَقْبَلَ بَعضُهم على بعض يَتَساءَلون؛ كيف قال ههنا: فهم لا يتساءَلُون؟ قال أَهل التفسير: انه يقول عَمِيَتْ عليهم الحُجَجُ يومئذٍ، فسكتوا، فذلك قوله تعالى فهم لا يَتَساءَلون. قال أَبو منصور: سمَّى الحُجَج أَنبَاءً، وهي جمع النَّبَإِ، لأَنَّ الحُجَجَ أَنْبَاءٌ عن اللّه، عز وجل. الجوهري: والنَبِيءُ: المُخْبِر عن اللّه، عز وجل، مَكِّيَّةٌ، لأَنه أَنْبَأَ عنه، وهو فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ. قال ابن بري: صوابه أَن يقول فَعِيل بمعنى مُفْعِل مثل نَذِير بمعنى مُنْذِر وأَلِيمٍ بمعنى مُؤْلِمٍ. وفي النهاية: فَعِيل بمعنى فاعِل للمبالغة من النَّبَإِ الخَبَر، لأَنه أَنْبَأَ عن اللّه أَي أَخْبَرَ. قال: ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه. يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنبَأَ. قال سيبويه: ليس أَحد من العرب إِلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة،بالهمز، غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ، إِلاّ أَهلَ مكة، فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون غيرها، ويُخالِفون العرب في ذلك. قال: والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة، يعني لقلة استعمالها، لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك. أَلا ترى إِلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه، فقال له: لا تَنْبِر باسْمي، فإِنما أَنا نَبِيُّ اللّه. وفي رواية: فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّهِ ولكنِّي نبيُّ اللّه. وذلك أَنه، عليه السلام، أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه، فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك، وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع، فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ. والجمع: أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ. قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ: يا خاتِمَ النُّبَآءِ، إِنَّكَ مُرْسَلٌ *** بالخَيْرِ، كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا إِنَّ الإِلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً *** في خَلْقِه، ومُحَمَّداً سَمَّاكا قال الجوهري: يُجْمع أَنْبِيَاء، لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف العلة كَعِيد وأَعْياد، على ما نذكره في المعتل. قال الفرَّاءُ: النبيُّ: هو من أَنبَأَ عن اللّه، فَتُرِك هَمزه. قال: وإِن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ، وهي الارتفاع عن الأَرض، أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق، فأَصله غير الهمز. وقال الزجاج: القِرَاءة المجمع عليها، في النَّبِيِّين والأَنبِياء، طرح الهمز، وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا. واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر. قال: والأَجود ترك الهمز؛ وسيأْتي في المعتل. ومن غير المهموز: حديث البَراءِ. قلت: ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ، فردَّ عَليَّ وقال: ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ. قال ابن الأَثير: انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ، ويجمع له الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة، ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن، وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين. والرَّسولُ أَخصُّ من النبي، لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ رسولاً. ويقال: تَنَبَّى الكَذَّابُ إِذا ادَّعَى النُّبُوّةَ. وتَنَبَّى كما تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه من الدجّالين المُتَنَبِّينَ. وتصغير النَّبِيءِ: نُبَيِّئٌ، مثالُ نُبَيِّعٍ. وتصغير النُّبُوءة: نُبَيِّئَةٌ، مثال نُبَيِّعةٍ. قال ابن بري: ذكر الجوهري في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ، بالهمز على القطع بذلك. قال: وليس الأَمر كما ذَكر، لأَن سيبويه قال: من جمع نَبِيئاً على نُبَآء قال في تصغيره نُبَيِّئ، بالهمز، ومن جمع نَبيئاً على أَنْبِياء قال في تصغيره نُبَيٌّ، بغير همز. يريد: من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير، ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير. وقيل: النَّبيُّ مشتق من النَّبَاوةِ، وهي الشيءُ المُرْتَفِعُ. وتقول العرب في التصغير: كانت نُبَيِّئةُ مُسَيْلِمَة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ. قال ابن بري الذي ذكره سيبوبه: كانت نُبُوّةُ مسيلمة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ، فذكر الأَول غير مصغر ولا مهموز ليبين أَنهم قد همزوه في التصغير، وإِن لم يكن مهموزاً في التكبير. وقوله عز وجل: وإِذ أَخذنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنْكَ ومِن نُوح. فقدّمه، عليه الصلاة والسلام، على نوح، عليه الصلاة والسلام، في أَخذ المِيثاق، فانما ذلك لإِنّ الواو معناها الاجْتِماعُ، وليس فيها دليلٌ أَن المذكور أَوّلاً لا يستقيم أَن يكون معناه التأْخير، فالمعنى على مذهب أَهل اللغة: ومن نُوح وإِبراهيم ومُوسَى وعيسى بنِ مريمَ ومِنْكَ. وجاء في التفسير: إِنّي خُلِقْتُ قبل الأَنبياء وبُعِثْتُ بعدَهم. فعلى هذا لا تقديم ولا تأْخير في الكلام، وهو على نَسَقِه. وأَخْذُ المِيثاقِ حين أُخْرِجوا من صُلْب آدمَ كالذَّرّ، وهي النُّبُوءة. وتَنَبَّأَ الرَّجل: ادّعَى النُّبُوءة. ورَمَى فأَنْبَأَ أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ. ونَبَأْتُ على القوم أَنْبَأُ نَبْأً إِذا طلعت عليهم. ويقال نَبَأْتُ من الأَرض إِلى أَرض أُخرى إِذا خرجتَ منها إليها. ونَبَأَ من بلد كذا يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً: طَرأَ. والنابِئُ: الثور الذي يَنْبَأُ من أَرض إِلى أَرض أَي يَخْرُج. قال عديّ بن زيد يصف فرساً: ولَهُ النَّعْجةُ المَرِيُّ تُجاهَ الرَّكْ *** بِ، عِدْلاً بالنَّابِئِ المِخْراقِ أَرادَ بالنَّابِئِ: الثَّوْرَ خَرَج من بلد إِلى بلد، يقال: نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ إِذا خَرج من بلد إِلى بلد. ونَبَأْتُ من أَرض إِلى أَرض إِذا خَرَجْتَ منها إِلى أُخرى. وسَيْلٌ نابِئٌ: جاء من بلد آخَر. ورجل نا بِئٌ. كذلك قال الأَخطل: أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى *** فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ في الخَمْرِ وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها *** ولا بِذُبابٍ، نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ *** أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْري ويروى: قداها، بالدال المهملة. قال: وصوابه بالذال المعجمة. ومن هنا قال الأَعرابي له صلى الله عليه وسلم يا نَبِيءَ اللّه، فهَمز، أَي يا مَن خَرَج من مكةَ إِلى المدينة، فأَنكر عليه الهمز، لأَنه ليس من لغة قريش.ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً: هَجَم وطَلَع، وكذلك نَبَهَ ونَبَع، كلاهما على البدل. ونَبَأَتْ به الأَرضُ: جاءَت به قال حنش بن مالك: فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ، فإِنَّ الحُتُو *** فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كلِّ واد ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً: ارْتَفَعَ. والنَّبْأَةُ: النَّشْزُ، والنَبِيءُ: الطَّرِيقُ الواضِحُ. والنَّبْأَةُ: صوتُ الكِلاب، وقيل هي الجَرْسُ أَيّاً كان. وقد نَبَأَ نَبْأً. والنَّبْأَةُ: الصوتُ الخَفِيُّ. قال ذو الرمة: وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ، نَدُسٌ *** بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ، ما في سَمْعِه كَذِبُ الرِّكْزُ: الصوتُ. والمُقْفِرُ: أَخُو القَفْرةِ، يريد الصائد. والنَّدُسُ: الفَطِنُ. التهذيب: النَّبْأَةُ: الصوتُ ليس بالشديد. قال الشاعر: آنَسَتْ نَبْأَةً، وأَفْزَعَها القَنَّاصُ *** قَصْراً، وقَدْ دَنا الإِمْساءُ أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ.
نتأ: نَتَأَ الشيءُ يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً: انْتَبَر وانْتَفَخَ. وكلُّ ما ارْتَفَعَ من نَبْتٍ وغيره، فقد نَتَأَ، وهو ناتِئٌ، وأَما قول الشاعر: قَدْ وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرو أَنْ تا تَمْسَحَ رَأْسِي، وتُفَلِّيني وا وتَمْسَحَ القَنْفَاءَ، حتى تَنْتا فإِنه أراد حتى تَنْتَأَ. فإِمَّا أَن يكون خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيًّا، على ما ذَهب إليه أَبو عثمان في هذا النحو، وإِما أَن يكون أَبدلَ إِبدالاً صحيحاً، على ما ذهب إليه الأَخفش. وكل ذلك ليوافق قوله تا من قوله: وعدتني أُمُّ عمرو أَن تا ووَا من قوله: تمسح رأْسي وتفلِّيني وا ولو جعلها بين بين لكانت الهمزة الخفيفة في نية المحققة، حتى كأَنه قال: تَنْتَأُ، فكان يكون تا تَنْتَأُ مستفعلن. وقوله: رن أَن تا: مفعولن. وليني وا: مفعولن، ومفعولن لا يجيءٌ مع مستفعلن، وقد أَكْفَأَ هذا الشاعر بين التاءِ والواو، وأَراد أَن تَمْسَح وتُفَلِّيَنِي وتَمْسَحَ، وهذا مِن أَقْبَحِ ما جاءَ في الإِكْفَاءِ. وإِنما ذهب الأَخفش: أَن الرويَّ من تا ووا التاءُ والواو من قِبَل أَنَّ الأَلف فيهما إِنما هي لإِشباع فتحة التاءِ والواو، فهي مدّ زائد لإِشباع الحركة التي قبلها، فهي إِذاً كالأَلف والياءِ والواو في الجَرعا والأَيَّامِي والخِيامُو. ونَتَأَ مِنْ بَلَدٍ الى بَلَدٍ: ارتفع. ونَتَأَ الشيءُ: خَرَج من مَوْضِعه من غير أَن يَبِينَ، وهو النُّتُوءُ. ونَتَأَتِ القُرْحةُ: وَرِمَتْ. ونَتَأْتُ على القوم: اطَّلَعْتُ عليهم، مثل نَبَأْت. ونَتَأَتِ الجارِيةُ: بَلَغَتْ وارْتَفَعَتْ. ونَتَأَ على القوم نَتْأً: ارْتَفَعَ. وكلُّ ما ارْتَفَع فهو ناتِئٌ. وانْتَتَأَ إِذا ارْتَفَعَ. وأَنشد أَبو حازم: فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهِمْ *** نَزَأْتُ عليه الْوَأَى أَهْذَؤُهْ لِدِرِّيئِهمْ أَي لعَرِّيفِهم. نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ الْوَأَى، وهو السَّيْف. أَهْذَؤُه: أَقْطَعُه. وفي المثل: تَحْقِرُه ويَنْتَأُ أَي يَرْتَفِعُ. يقال هذا للذي ليس له شاهِدُ مَنْظَر وله باطِنُ مَخْبَر، أَي تَزْدَرِيهِ لسُكُونه، وهو يُجاذِبُكَ. وقيل: معناه تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُمُ. وقيل: تَحْقِرُه ويَنْتُو، بغير همز، وسنذكره في موضعه.
نجأ: نَجَأَ الشيءَ نَجْأَةً وانْتَجَأَه: أَصابَه بالعين، الأَخيرة عن اللحياني. وتَنَجَّأَه أَي تَعَيَّنَه. ورجل نَجِئُ العَيْنِ، على فَعِلٍ، ونَجيءُ العين، على فَعِيلٍ، ونَجُؤُ العينِ، على فَعُلٍ، ونَجُوءُ العينِ، على فَعُولٍ: شديد الإِصابة بها خَبِيثُ العين. ورُدَّ عنك نَجْأَةَ هذا الشيءِ أَي شَهْوتَك إِيّاه، وذلك إِذا رأَيت شيئاً، فاشْتَهَيْتَه. التهذيب: يقال ادْفَعْ عنك نَجْأَةَ السَّائلِ أَي أَعْطِه شيئاً مما تأْكل لِتَدْفَعَ به عنك شدَّةَ نَظَرِه، وأَنشد: أَلا بِكَ النَّجْأَةُ يا ردَّادُ الكسائي: نَجَأْتُ الدابةَ وغيرَها: أَصَبْتُها بعيني، والاسم النَّجْأَةُ. قال: وأَما قوله في الحديث: رُدُّوا نَجْأَةَ السَّائل باللُّقْمة، فقد تكون الشَّهوةَ، وقد تكون الإِصابةَ بالعين. والنَّجْأَةُ: شِدَّةُ النظرِ؛ أَي إِذا سَأَلَكُم عن طَعام بين أَيْدِيكم، فأَعْطُوه لئلا يُصِيبكم بالعين، ورُدُّوا شِدَّة نَظَرِه إِلى طعامكم بلُقْمةٍ تَدْفَعُونها إِليه. قال ابن الأَثير: المعنى: أَعْطِه اللُّقمة لتدفع بها شدة النظر إِليك. قال: وله معنيان أَحدهما أَن تَقْضِيَ شَهْوَتَه وتَرُدَّ عَيْنَه من نَظَره إِلى طَعامِك رِفْقاً به ورَحْمةً، والثاني أَن تَحْذَرَ إِصابَتَه نِعْمَتَك بعينه لِفَرْطِ تَحْدِيقهِ وحِرْصِه.
ندأ: نَدَأَ اللحمَ يَنْدَؤُه نَدْءاً: أَلقاهُ في النار، أَو دَفَنَه فيها. وفي التهذيب: نَدَأْتُه إِذا مَلَلْتَه في المَلَّةِ والجَمْر. قال: والنَّديءُ الاسم، وهو مثل الطَّبِيخِ، ولَحْمٌ نَدِيءٌ. ونَدَأً المَلَّة يَنْدَؤُها: عَمِلَها. ونَدَأَ القُرْصَ في النار نَدْءاً: دَفَنَه في المَلَّة ليَنْضَجَ. وكذلك نَدَأَ اللحمَ في المَلَّة: دَفَنه حتى يَنْضَج. ونَدَأَ الشيءَ: كَرِهَه. والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ: الكَثْرةُ من المال، مثل النَّدْهةِ والنُّدْهةِ. والنُّدْأَةُ والنَّدْأَةُ: دارةُ القمر والشمس، وقيل: هما قَوْسُ قُزَحَ. والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ، الأَخيرة عن كُراع: الحُمْرةُ تكون في الغَيْم إِلى غُروب الشمسِ أو طُلُوعها. وقال مرة: النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ: الحمرة التي تكون إِلى جَنْبِ الشمس عند طُلوعها وغُروبها. وفي التهذيب: إِلى جانِب مَغْرِب الشمسِ، أَو مَطْلَعِها. والنُّدْأَةُ: طَريقةٌ في اللَّحم مُخالِفَةٌ لِلَوْنِه. وفي التهذيب: النُّدْأَةُ، في لحم الجَزُور، طَرِيقةٌ مُخالِفةٌ للون اللحم. والنُّدْأَتان: طَرِيقَتا لحم في بواطن الفخذين، عليهما بياض رقيق من عَقَبٍ، كأَنه نَسْجُ العنْكبوت، تَفْصِل بينهما مَضِيغة واحدة، فتصير كأَنها مَضِيغتان.والنُّدَأُ: القِطَعُ المُتَفَرِّقة من النبت، كالنُّفَإِ، واحدتها نُدْأَةٌ وَنُدَأَةٌ. ابن الأَعرابي: النُّدْأَةٌ: الدُّرْجَة التي يُحْشَى بها خَوْرانُ الناقةِ ثم تُخَلَّلُ، إِذا عُطِفَتْ على وَلَدِ غَيرها، أَو على بَوٍّ أُعِدَّ لها. وكذلك قال أَبو عبيدة، ويقال نَدَأْتُه أَنْدَؤُهُ نَدْءاً، إِذا ذَعَرْتَه.
نزأ: نَزَأَ بينهم يَنْزَأُ نَزْءاً ونُزُوءاً: حَرَّش وأَفْسَد بينهم. وكذلك نَزَغَ بينهم. ونزأَ الشيطانُ بينهم: أَلْقَى الشَّرَّ والإِغْراءَ. والنَّزِيءُ، مثال فَعِيل، فاعِلُ ذلك. ونَزَأَه على صاحبه: حَمَلَه عليه. ونَزَأَ عليه نَزْءاً: حَمَل. يقال: ما نَزَأَك على هذا؟ أَي ما حَمَلَك عليه. ونَزَأْتُ عليه: حَمَلْتُ عليه. ورَجُلٌ مَنْزُوءٌ بكذا أَي مُولَعٌ به. ونَزَأَه عن قوله نَزْءاً: ردَّه. وإِذا كان الرجلُ عل طَرِيقةٍ حَسَنةٍ أَو سَيِّئةٍ، فَتَحَوَّلَ عنها إِلى غيرها، قلت مُخاطِباً لنفسِك: إِنك لا تَدْري عَلامَ يَنْزَأُ هَرَمُك، ولا تدري بِمَ يُولَعُ هرمك أَي نَفْسُك وعَقْلُك. معناه: أَنك لا تدري إِلامَ يَؤُولُ حالُكَ.
نسأ: نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها، فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ، والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ، وقد يقال: نِساءٌ نَسْءٌ، على الصفة بالمصدر. يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل: قد نُسِئَتْ. ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه: أَخَّره؛ فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً، والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ. ونَسَأَ اللّهُ في أَجَلِه، وأَنْسَأَ أَجَلَه: أَخَّره. وحكى ابن دريد: مَدَّ له في الأَجَلِ أَنْسَأَه فيه. قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا، والاسم النَّسَاءُ. وأَنسَأَه الله أَجَلَه ونَسَأَه في أَجَلِه، بمعنى. وفي الصحاح: ونَسَأَ في أَجَلِه، بمعنى. وفي الحديث عن أَنس بن مالك: مَن أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ له في رِزْقِه ويُنْسَأَ في أَجَلِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه. النَّسْءُ: التأخيرُ يكون في العُمُرِ والدَّيْنِ. وقوله يُنْسَأُ أَي يُؤَخَّر. ومنه الحديث: صِلةُ الرَّحِم مَثْراةٌ في المالِ مَنْسَأَةٌ في الأَثَر؛ هي مَفْعَلَةٌ منه أَي مَظِنَّةٌ له وموضع. وفي حديث ابن عوف: وكان قد أُنْسِئَ له في العُمُرِ. وفي الحديث: لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ، أَي إِذا أَردتُمْ عَمَلاً صالحاً، فلا تُؤَخِّرُوه إِلى غَدٍ، ولا تَسْتَمْهِلُوا الشيطانَ. يريد: أَن ذلك مُهْلةٌ مُسَوَّلةٌ من الشيطان. والنُّسْأَة، بالضم مثل الكُلأَةِ: التأْخيرُ. وقال فَقِيهُ العرب: من سَرَّه النَّساءُ ولا نَساء، فليُخَفِّفِ الرِّداءَ، ولْيُباكِر الغَداءَ، وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ، وفي نسخة: وليُؤَخِّرْ غشيان النساءِ؛أَي تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء. وقرأَ أَبو عمرو: ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ أَو نَنْسَأْها، المعنى: ما نَنْسَخْ لك مِن اللَّوْحِ المَحْفُوظ، أَو نَنْسَأْها: نُؤَخِّرْها ولا نُنْزِلْها. وقال أَبو العباس: التأْويل أَنه نَسخَها بغيرها وأَقَرَّ خَطَّها، وهذا عندهم الأَكثر والأَجودُ. ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً: باعه بتأْخيرٍ، والاسم النَّسِيئةُ. تقول: نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وبعته بِكُلأَةٍ وبعته بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ. والنَّسِيءُ: شهر كانت العرب تُؤَخِّره في الجاهلية، فنَهى اللّه عز وجل، عنه. وقوله، عز وجل: إِنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر. قال الفرّاءُ: النَّسِيءُ المصدر، ويكون المَنْسُوءَ، مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ، والنَّسِيءُ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ، فهو مَنْسُوءٌ إِذا أَخَّرْته، ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسيءٍ، كما يُحَوَّل مَقْتول إِلى قَتيل. ورجل ناسِئٌ وقوم نَسَأَةٌ، مثل فاسِقٍ وفَسَقةٍ، وذلك أَن العرب كانوا إِذا صدروا عن مِنى يقوم رجل منهم من كنانة فيقول: أَنا الذي لا أُعابُ ولا أُجابُ ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ، فيقولون: صَدَقْتَ !أَنْسِئْنا شهراً أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة المُحرَّم واجعلها في صَفَر وأَحِلَّ المُحرَّمَ، لأَنهم كانوا يَكرهون أَن يَتوالى عليهم ثلاثة أَشهر حُرُمٍ، لا يُغِيرُون فيها لأَنَّ مَعاشَهم كان من الغارة، فيُحِلُّ لهم المحرَّم، فذلك الإِنساءُ. قال أَبو منصور: النَّسِيءُ في قوله، عز وجل: إِنما النَّسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر؛ بمعنى الإِنْسَاءِ، اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من أَنْسَأْتُ. وقد قال بعضهم: نَسَأْتُ في هذا الموضع بمعنى أَنْسَأْتُ. وقال عُمير بن قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان: أَلَسْنا النَّاسِئِينَ، على مَعَدٍّ *** شُهُورَ الحِلِّ، نَجْعَلُها حَراما وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كانت النُّسْأَةُ في كِنْدَةَ. النُسْأَةُ، بالضم وسكون السين: النَّسِيءُ الذي ذكره اللّه في كتابه من تأْخير الشهور بعضها إِلى بعض. وانْتَسَأْتُ عنه: تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ. وكذلك الإِبل إِذا تَباعَدَتْ في المرعى. ويقال: إِنّ لي عنك لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأًى وسَعَةً. وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع: أَخَّرَه به أَي جعله مُؤَخَّراً، كأَنه جعله له بأَخَرةٍ. واسم ذلك الدَّيْن: النَّسيئةُ. وفي الحديث: إِنما الرِّبا في النَّسِيئةِ هي البَيْعُ إِلى أَجل معلوم، يريد: أَنَّ بيع الرِّبَوِيّات بالتأْخِير من غير تَقابُض هو الرِّبا، وإِن كان بغير زيادة.قال ابن الأَثير: وهذا مذهب ابن عباس، كان يرى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مع التَّقابُض جائزاً، وأَن الرِّبا مخصوص بالنَّسِيئة. واسْتَنْسأَه: سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه. وأَنشد ثعلب: قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا *** وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظيمُ وإنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً *** من المُخِّ، في أَنْقاءِ كلِّ حَلِيم قال: هذا رجل كان له على رجل بعير طَلَب منه حَقَّه. قال: فأَنظِرني حتى أُخْصِبَ. فقال: إِن أَعطيتني اليوم جملاً مهزولاً كان خيراً لك من أَن تُعْطِيَه إِذا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ. وتقول: اسْتَنْسَأْتُه الدَّينَ، فأَنْسَأَني، ونَسَأْت عنه دَيْنَه: أَخَّرْته نَساءً، بالمد. قال: وكذلك النَّسَاءُ في العُمُر، ممدود. وإِذا أَخَّرْت الرجل بدَيْنه قلت: أَنْسَأْتُه، فإِذا زِدتَ في الأَجل زِيادةً يَقَعُ عليها تأْخيرٌ قلت: قد نَسَأْت في أَيامك، ونَسَأْت في أَجَلك. وكذلك تقول للرجل: نَسَأَ اللّه في أَجَلك، لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فيه، ولذلك قيل للَّبنِ: النَّسيءُ لزيادة الماء فيه. وكذلك قيل: نُسِئَتِ المرأَةُ إِذا حَبِلَتْ، جُعلت زِيادةُ الولد فيها كزيادة الماء في اللبن. ويقال للناقة: نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها ليزداد سَيْرُها. وما لَه نَسَأَه اللّه أَي أَخْزاه. ويقال: أَخَّره اللّه، وإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه. ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً، على ما لم يُسمَّ فاعِلُه، إِذا كانت عند أَوَّل حَبَلِها، وذلك حين يتأَخَّرُ حَيْضُها عن وقته، فيُرْجَى أَنها حُبْلَى. وهي امرأَة نَسِيءٌ. وقال الأَصمعي: يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تحمل قد نُسِئَتْ. وفي الحديث: كانت زينبُ بنتُ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم تحتَ أَبي العاصِ بن الرَّبِيع، فلما خرج رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إِلى المدينة أَرسَلَها إِلى أَبيها، وهي نَسُوءٌ أَي مَظْنونُ بها الحَمْل. يقال: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذا تأَخَّر حَيْضُها، ورُجِي حَبَلُها، فهو من التأْخير ، وقيل بمعنى الزيادة من نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذا جَعَلْت فيه الماءَ تُكَثِّره به، والحَمْلُ زيادةٌ. قال الزمخشري: النَّسُوءُ، على فَعُول، والنَّسْءُ، على فَعْلٍ، وروي نُسُوءٌ، بضم النون. فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ، والنُّسوءُ تَسْميةٌ بالمصدر. وفي الحديث: أَنه دخل على أُمِّ عامر بن رَبِيعةَ، وهي نَسُوءٌ، وفي رواية نَسْءٌ، فقال لها ابْشِري بعبدِاللّه خَلَفاً مِن عبدِاللّه، فولَدت غلاماً، فسمَّتْه عبداللّه. وأَنْسَأَ عنه: تأَخَّر وتباعَدَ، قال مالك بن زُغْبةَ الباهِليّ: إِذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ *** عَوائِرُ نَبْلٍ، كالجَرادِ تُطِيرُها وفي رواية: إِذا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح. وناساهُ إِذا أَبعده، جاؤُوا به غير مهموز، وأَصله الهمز. وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لا يُدْرَى من أَين أَتَتْ. وانْتَسَأَ القومُ إِذا تباعَدُوا. وفي حديث عُمَر، رضي اللّه عنه: ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْيَ جَلادةٌ، وإِذا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عن البُيُوت، أَي تأَخَّرُوا. قال ابن الأَثير: هكذا يروى بلا همز، والصواب: فانْتَسِئُوا، بالهمز؛ ويروى: فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا. ويقال: بَنَّسْتُ إِذا تأَخَّرْت. وقولهم: أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي. قال الشَّنْفَرى يصف خُرُوجَه وأَصحابه إِلى الغَزْو، وأَنهم أبْعَدُوا المَذْهَب: غَدوْنَ مِن الوادي الذي بيْنَ مِشْعَلٍ *** وبَيْنَ الحَشا، هيْهاتَ أَنْسَأَتُ سُربَتِي ويروى: أَنْشَأَتُ، بالشين المعجمة. فالسُّرْبةُ في روايته بالسين المهملة: المذهب، وفي روايته بالشين المعجمة: الجماعة، وهي رواية الأَصمعي والمفضل. والمعنى عندهما: أَظْهَرْتُ جَماعَتِي من مكان بعبدٍ لِمَغْزًى بَعيِد. قال ابن بري: أَورده الجوهري: غَدَوْنَ من الوادي، والصواب غَدَوْنا. لأَنه يصف أَنه خرج هو وأَصحابه إِلى الغزو، وأَنهم أَبعدوا المذهب. قال: وكذلك أَنشده الجوهري أَيضاً: غدونا، في فصل سرب. والسُّرْبة: المذهب، في هذا البيت. ونَسَأَ الإِبلَ نَسْأً: زاد في وِرْدِها وأَخَّرها عن وقته. ونَسَأَها: دَفَعها في السَّيْر وساقَها. ونَسَأْتُ في ظُمْءِ الإِبل أَنْسَؤُها نَسَأً إِذا زِدْتَ في ظِمْئِها يوماً أَو يومين أَو أَكثر من ذلك. ونَسَأْتها أَيضاً عن الحوض إِذا أَخَّرْتها عنه. والمِنْسَأَةُ: العَصا، يهمز ولا يهمز، يُنْسَأُ بها. وأَبدلوا إِبدالاً كلياً فقالوا: مِنْساة، وأَصلها الهمز، ولكنها بدل لازم، حكاه سيبويه. وقد قُرئَ بهما جميعاً. قال الفرَّاءُ في قوله، عز وجل: تأْكل مِنْسَأَتَهُ، هي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي، يقال لها المِنْسأَة، أُخذت من نَسَأْتُ البعير أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه. قال أَبو طالب عمُّ سيدنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الهمز: أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه *** بِمِنْسَأَةٍ، قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا هكذا أَنشد الجوهري منصوباً. قال: والصواب قد جاءَ حَبْلٌ بأَحْبُل، ويروى وأَحبلُ، بالرفع، ويروى قد جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ، بتقديم المفعول. وبعده بأَبيات: هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرةَ إِنَّه *** سَيَحْكُم فيما بَيْنَنا، ثمَّ يَعْدِلُ كما كان يَقْضي في أُمُورٍ تَنُوبُنا *** فيَعْمِدُ للأَمْرِ الجَمِيل، ويَفْصِلُ وقال الشاعر في ترك الهمز: إِذا دَبَبْتَ على المِنْسَاةِ مِنْ هَرَمٍ *** فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ ونَسَأَ الدابةَ والنّاقَةَ والإِبلَ يَنْسَؤُها نَسْأً: زَجَرَها وساقَها. قال: وعَنْسٍ، كأَلْواحِ الإِرانِ، نَسَأْتُها *** إِذا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ: هُما هُما المَشْبُوبتان: الشِّعْرَيانِ. وكذلك نَسَّأَها تَنْسِئةً: زجَرها وساقَها. وأَنشد الأَعشى: وما أُمُّ خِشْفٍ، بالعَلايَةِ، شادِنٍ *** تُنَسِّئُ، في بَرْدِ الظِّلالِ، غَزالَها وخبر ما في البيت الذي بعده: بِأَحْسَنَ منها، يَوْمَ قامَ نَواعِمٌ *** فَأَنْكَرْنَ، لَما واجَهَتْهُنَّ، حالَها ونَسَأَتِ الدَّابَّةُ والماشِيةُ تَنْسَأُ نَسْأً: سَمِنَتْ، وقيل هو بَدْءُ سِمَنِها حين يَنْبُتُ وَبَرُها بعد تَساقُطِه. يقال: جَرَى النَّسْءُ في الدَّوابِّ يعني السِّمَنَ. قال أَبو ذُؤَيْب يصف ظَبْيةً: به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما *** فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها أَبَلَتْ: جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماء. ومارَ: جَرَى. والنَّسْءُ: بَدْءُ السِّمَنِ. والاقْتِرَارُ: نِهايةُ سِمَنها عن أَكل اليَبِيسِ. وكلُّ سَمِينٍ ناسِئٌ. والنَّسْءُ، بالهمز، والنَّسِيءُ: اللبن الرقيق الكثير الماء. وفي التهذيب: المَمْذُوق بالماء. ونَسَأْتُه نَسْأً ونَسَأْتُه له ونَسَأْتُه إِياه: خَلَطْته له بماء، واسمه النَّسْءُ. قال عُروةُ بن الوَرْدِ العَبْسِيّ: سَقَوْنِي النَّسْءَ، ثم تَكَنَّفُوني *** عُداةَ اللّهِ، مِنْ كَذِبٍ وزُورِ وقيل: النَّسْءُ الشَّرابُ الذي يُزيلُ العقل، وبه فسر ابن الأَعرابي النَّسْءَ ههنا. قال: إِنما سَقَوْه الخَمْر، ويقوّي ذلك رواية سيبوبه: سَقَوْني الخمر. وقال ابن الأَعرابي مرة: هو النِّسِيءُ، بالكسر، وأَنشد: يَقُولُون لا تَشْرَبْ نِسِيئاً، فإِنَّه *** عَلَيْكَ، إِذا ما ذُقْتَه، لَوخِيمُ وقال غيره: النَّسِيءُ، بالفتح، وهو الصواب. قال: والذي قاله ابن الأَعرابي خطأٌ، لأَن فِعِيلاً ليس في الكلام إِلا أَن يكون ثاني الكلمة أَحدَ حُروف الحَلْق، وما أَطْرفَ قَوْلَه. ولا يقال نَسِيءٌ، بالفتح، مع علمنا أَنّ كلَّ فِعِيل بالكسر فَفَعِيلٌ بالفتح هي اللغة الفصيحة فيه، فهذا خَطأٌ من وجهين، فصحَّ أَن النَّسِيءَ، بالفتح، هو الصحيح. وكذلك رواية البيت: لا تشرب نَسِيئاً، بالفتح، واللّه أَعلم.
نشأ: أَنْشَأَه اللّه: خَلَقَه. ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشَاءً ونَشْأَةً ونَشَاءة: حَيي، وأَنْشَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي ابْتَدَأَ خَلْقَهم. وفي التنزيل العزيز: وأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى؛ أَي البَعْثةَ. وقرأَ أَبو عمرو: النَّشاءةَ، بالمدّ. الفرّاءُ في قوله تعالى: ثُمَّ اللّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرةَ؛ القُرَّاءُ مجتمعون على جزم الشين وقَصْرِها إِلا الحسنَ البِصْرِيَّ، فإِنه مدَّها في كلِّ القرآن، فقال: النَّشاءة مثل الرّأْفةِ والرّآفةِ، والكَأْبةِ والكَآبةِ. وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو: النَّشاءة ، ممدود، حيث وقعت. وقرأَ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي النَّشْأَةَ، بوزن النَّشْعةِ حيث وقعت. ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشاءً: رَبا وشَبَّ. ونَشَأْتُ في بني فلان نَشْأً ونُشُوءاً: شَبَبْتُ فيهم. ونُشِّئَ وأُنْشئَ، بمعنى. وقُرئَ: أَوَمنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ. وقيل الناشِئُ فوَيْقَ المُحْتَلِمِ، وقيل: هو الحَدَثُ الذي جاوَزَ حَدَّ الصِّغَر، وكذلك الأُنثى ناشِئٌ، بغير هاءٍ أَيضاً، والجمع منهما نَشَأٌ مثل طالِبٍ وطَلَبٍ، وكذلك النَشْءُ مثل صاحِبٍ وصَحْبٍ. قال نُصَيْب في المؤَنث: ولَوْلا أَنْ يُقَالَ صَبا نُصَيْبٌ *** لَقُلْتُ: بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ وفي الحديث: نَشَأٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزامِيرَ. يروى بفتح الشين جمع ناشِئٍ كخادِمٍ وخَدَمٍ؛ يريد: جماعةً أَحداثاً. وقال أَبو موسى: المحفوظُ بسكون الشين كأَنه تسمية بالمصدر. وفي الحديث: ضُمُّوا نَواشِئَكم في ثَوْرةِ العِشَاءِ؛ أَي صِبْيانَكم وأَحْداثَكُم. قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم، والمحفوظ فَواشِيَكُم، بالفاء، وسيأْتي ذكره في المعتل. الليث: النَّشْءُ أَحْداثُ الناس، يقال للواحد أَيضاً هو نَشْءُ سَوْءٍ، وهؤلاء نَشْءُ سَوْءٍ؛ والناشِئُ الشابُّ. يقال: فَتىً ناشِئٌ. قال الليث: ولم أَسمع هذا النعت في الجارية. الفرّاءُ: العرب تقول هؤلاء نَشْءُ صِدْقٍ، ورأَيت نَشْءَ صِدقٍ، ومررت بِنَشْءِ صدق، فإِذا طَرَحُوا الهمز قالوا: هؤلاء نَشُو صِدْقٍ، ورأيت نَشا صِدقٍ، ومررت بِنَشِي صِدقٍ. وأَجْود من ذلك حذف الواو والأَلف والياء، لأَن قولهم يَسَلُ أَكثر من يَسأَلُ ومَسَلةٌ أَكثر من مَسْأَلة. أَبو عمرو: النَّشَأُ: أَحْداثُ الناس؛ غلامٌ ناشِئٌ وجارية ناشِئةٌ، والجمع نَشَأٌ. وقال شمر: نَشَأَ: ارْتَفَعَ. ابن الأَعرابي: الناشِئُ: الغلام الحَسَنُ الشابُّ. أَبو الهيثم: الناشِئُ: الشابُّ حين نَشَأَ أَي بَلَغَ قامةَ الرجل. ويقال للشابِّ والشابَّة إِذا كانوا كذلك: هم النَّشَأُ، يا هذا، والناشِئُونَ. وأَنشد بيت نصيب: لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ وقال بعده: فالنَّشَأُ قد ارْتَفَعْنَ عن حَدِّ الصِّبا إِلى الإِدْراك أَو قَرُبْنَ منه. نَشَأَتْ تَنَشَأُ نَشْأً، وأَنْشَأَها اللّهُ إِنْشاءً. قال: وناشِئٌ ونَشَأٌ: جماعة مثل خادِم وخَدَمٍ. وقال ابن السكيت: النَّشَأُ الجوارِي الصِّغارُ في بيت نُصَيْب. وقوله تعالى: أَوَمن يُنَشَّأُ في الحِلْيةِ. قال الفرّاءُ: قرأً أَصحاب عبداللّه يُنَشَّأُ، وقرأَ عاصم وأَهل الحجاز يَنْشَأُ. قال: ومعناه أَنّ المشركين قالوا إِنَّ الملائكةَ بناتُ اللّه، تعالى اللّهُ عَمّا افْتَرَوْا، فقال اللّه، عز وجل: أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَناتِ وأَحَدُكم إِذا وُلِدَ له بنتٌ يَسْوَدُّ وجهُه. قال: وكأَنه قال: أَوَمَن لا يُنَشَّأُ إِلا في الحِلْيةِ، ولا بَيان له عند الخِصام، يعني البنات تجعلونَهنَّ للّه وتَسْتَأْثِرُون بالبنين. والنَّشْئُ، بسكون الشين: صِغار الإِبل، عن كراع. وأَنْشَأَتِ الناقةُ، وهي مُنْشِىءٌ: لَقِحَت، هذلية. ونَشَأَ السحابُ نَشْأً ونُشُوءاً: ارتفع وبَدَا، وذلك في أَوّل ما يَبْدأُ. ولهذا السحاب نَشْءٌ حَسَنٌ، يعني أَوَّل ظهوره. الأَصمعي: خرج السحابُ له نَشْءٌ حَسَنٌ وخَرج له خُروجٌ حسن، وذلك أَوَّلَ ما يَنْشَأُ، وأَنشد: إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَمَّتْ به الصَّبا *** فَعاقَبَ نَشْءٌ بَعْدَها وخُروجُ وقيل: النَّشْءُ أَن تَرى السَّحابَ كالمُلاء المَنْشُور. والنَّشْءُ والنَّشِيءُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب ويَرْتَفِعُ، وقد أَنْشَأَه اللّهُ. وفي التنزيل العزيز: ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ. وفي الحديث: إِذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثم تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقةٌ. وفي الحديث: كان إِذا رَأَى ناشِئاً في أُفُقِ السماءِ؛ أَي سَحاباً لم يَتكامَلِ اجتماعُه واصطحابُه. ومنه نَشَأَ الصبيُّ يَنْشَأُ، فهو ناشِئٌ، إِذا كَبِرَ وشَبَّ، ولم يَتكامَلْ. وأَنْشَاَ السَّحابُ يَمْطُرُ: بَدَأَ. وأَنْشَأَ داراً: بَدَأَ بِناءَها. وقال ابن جني في تأْدِيةِ الأَمْثالِ على ما وُضِعَت عليه: يُؤَدَّى ذلك في كلِّ موضع على صورته التي أُنْشِئَ في مَبْدَئِه عليها، فاسْتَعْمَلَ الإِنْشَاءَ في العَرَضِ الذي هو الكلام. وأَنْشَأَ يَحْكِي حديثاً: جَعَل. وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كذا ويقول كذا: ابتَدَأَ وأَقْبَلَ.وفلان يُنْشِئُ الأَحاديث أَي يضعُها. قال الليث: أَنْشَأَ فلان حديثاً أَي ابْتَدأَ حديثاً ورَفَعَه. ومنْ أَيْنَ أَنْشَأْتَ أَي خَرَجْتَ، عن ابن الأَعرابي. وأَنْشَأَ فلانٌ: أَقْبلَ. وأَنشد قول الراجز: مَكانَ مَنْ أَنْشَا على الرَّكائبِ أَراد أَنْشَأَ، فلم يَسْتَقِمْ له الشِّعرُ، فأَبدَل. ابن الأَعرابي: أَنْشَأَ إِذا أَنشد شِعْراً أَو خَطَبَ خُطْبةً، فأَحْسَنَ فيهما. ابن السكيت عن أَبي عمرو: تَنَشَّأْتُ إِلى حاجتي: نَهَضْتُ إليها ومَشَيْتُ. وأَنشد: فلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قامَ خِرْقٌ *** مِنَ الفِتْيانِ، مُخْتَلَقٌ، هضُومُ قال: وسمعت غير واحد من الأَعراب يقول: تَنَشَّأَ فلان غادياً إِذا ذهَب لحاجته. وقال الزجاج في قوله تعالى: وهو الذي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وغيرَ مَعْرُوشاتٍ؛ أَي ابْتَدَعَها وابْتَدَأَ خَلْقَها. وكلُّ مَنِ ابْتَدأَ شيئاً فهو أَنْشَأَه. والجَنَّاتُ: البَساتينُ. مَعْرُوشاتٍ: الكُروم. وغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ: النَّخْلُ والزَّرْعُ. ونَشَأَ الليلُ: ارتَفَع. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ ناشِئةَ الليل هي أَشَدُّ وطْأً وأَقْوَمُ قِيلاً. قيل: هي أَوَّل ساعةٍ، وقيل: الناشِئةُ والنَّشيئةُ إِذا نِمْتَ من أَوَّلِ الليلِ نَوْمةً ثمَّ قمتَ، ومنه ناشِئةُ الليل. وقيل: ما يَنْشَأُ في الليل من الطاعات. والناشِئةُ: أَوَّلُ النهارِ والليلِ. أَبو عبيدة: ناشِئةُ الليلِ ساعاتُه، وهي آناءُ الليلِ ناشِئةٌ بعد ناشِئةٍ. وقال الزجاج: ناشِئةُ الليلِ ساعاتُ الليلِ كلُّها، ما نَشَأَ منه أَي ما حَدَثَ، فهو ناشِئَةٌ. قال أَبو منصور: ناشِئةُ الليلِ قِيامُ الليلِ، مصدر جاءَ على فاعِلةٍ، وهو بمعنى النَّشْءِ، مثلُ العافِية بمعنى العَفْوِ. والعاقِبةِ بمعنى العَقْبِ، والخاتِمةِ بمعنى الخَتْمِ. وقيل: ناشِئةُ الليل أَوَّلُه، وقيل: كلُّه ناشئةٌ متى قمتَ، فقد نَشَأْتَ. والنَّشِيئةُ: الرَّطْبُ من الطَّرِيفةِ، فإِذا يَبِسَ، فهو طَرِيفةٌ. والنَّشِيئةُ أَيضاً: نَبْتُ النَّصِيِّ والصِّليِّانِ. قال: والقَوْلانِ مُقْتَرِبانِ. والنَّشِيئةُ أَيضاً: التَّفِرةُ إِذا غَلُظَتْ قَلِيلاً وارْتَفَعَتْ وهي رَطْبةٌ، عن أَبي حنيفة. وقال مرة: النَّشِيئةُ والنَّشْأَةُ من كلِّ النباتِ: ناهِضُه الذي لم يَغْلُظْ بعد. وأَنشد لابن مَناذرَ في وصف حمير وحش: أَرناتٍ، صُفْرِ المَناخِرِ والأَشْ *** داقِ، يَخْضِدْنَ نَشْأَةَ اليَعْضِيدِ ونَشِيئَةُ البِئْر: تُرابُها المُخْرَجُ منها، ونَشِيئةُ الحَوْضِ: ما وراءَ النَّصائِب من التراب. وقيل: هو الحَجَر الذي يُجْعَلُ في أَسفل الحَوْضِ. وقيل: هي أَعْضادُ الحَوض؛ والنَّصائبُ: ما نُصِبَ حَوْلَه. وقيل: هو أَوَّل ما يُعْمَلُ من الحَوْضِ، يقال: هو بادِي النَّشِيئةِ إِذا جَفَّ عنه الماءُ وظَهَرت أَرْضُه. قال ذو الرمة: هَرَقْناهُ في بادِي النَّشِيئةِ، دائِرٍ *** قَديمٍ بِعَهْدِ الماءِ، بُقْعٍ نَصائِبُهْ يقول: هَرَقْنا الماءَ في حوضٍ بادِي النَّشِيئةِ. والنَّصائبُ: حِجارة الحَوْضِ، واحدتها نَصِيبةٌ. وقوله: بُقْعٍ نَصائبُه: جَمْع بَقْعاء، وجَمَعَها بذلك لِوُقُوع النَّظَرِ عليها. وفي الحديث: أَنه دَخَل على خَديجةَ خَطَبَها، ودَخَل عليها مُسْتَنْشِئةٌ مِنْ مُوَلَّداتِ قُرَيْشٍ. قال الأَزهري: هي اسم تِلْكَ الكاهِنةِ. وقال غيره: المُسْتَنْشِئةُ: الكاهِنةُ سُمّيت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِئُ الأَخْبَارَ أَي تَبْحَثُ عنها وتَطْلُبها، من قولك رجل نَشْيانُ للخَبَرِ. ومُسْتَنْشِئةٌ يهمز ولا يهمز. والذِّئب يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ، بالهمز. قال: وإِنما هو من نَشِيتُ الرِّيح، غير مهموز، أَي شَمِمْتُها. والاسْتِنْشاءُ، يهمز ولا يهمز، وقيل هو من الإِنْشاءِ: الابْتِداءِ. وفي خطبة المحكم: ومما يهمز مما ليس أَصله الهمز من جهة الاشتقاق قولهم: الذئب يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ، وإِنما هو من النَّشْوةِ؛ والكاهِنةُ تَسْتَحْدِثُ الأُمورَ وتُجَدِّدُ الأَخْبارَ. ويقال: من أَيْنَ نَشِيتَ هذا الخَبَرَ، بالكسر من غير همز، أَي من أَيْنَ عَلِمْتَه. قال ابن الأَثير وقال الأَزهريّ: مُسْتَنْشِئةُ اسم عَلَم لتِلك الكاهِنةِ التي دَخَلت عليها، ولا يُنَوَّن للتعريف والتأْنيث. وأَما قول صخر الغي: تَدَلَّى عليه، مِنْ بَشامٍ وأَيْكةٍ *** نَشاةِ فُرُوعٍ، مُرْثَعِنّ الذَّوائِبِ يجوز أَن يكون نَشْأَةٌ فَعْلَةً مِنْ نَشَأَ ثم يُخفَّفُ على حدِّ ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم الكماةُ والمَراةُ، ويجوز أَن يكون نَشاة فَعْلة فَتَكون نَشاة مِنْ أَنْشَأْتُ كطاعةٍ من أَطَعْتُ، إِلا أَنّ الهمزة على هذا أُبدِلت ولم تخفف. ويجوز أَن يكون من نَشا يَنْشُو بمعنى نَشَأَ يَنْشَأُ، وقد حكاه قطرب، فتكون فَعَلةً من هذا اللفظ، ومِنْ زائدةٌ، على مذهب الأَخفش، أَي تَدَلَّى عليه بَشامٌ وأَيْكةٌ. قال: وقياس قول سيبويه أن يكون الفاعل مضمراً يدل عليه شاهد في اللفظ؛ التعليل لابن جني. ابن الأَعرابي: النَّشِيءُ رِيح الخَمْر. قال الزجاج في قوله تعالى: وله الجَوارِ المُنْشآتُ، وقُرئَ المُنْشِئاتُ، قال: ومعنى المُنْشَآتُ: السُّفُنُ المَرْفُوعةُ الشُّرُعِ. قال: والمُنْشِئاتُ: الرَّافِعاتُ الشُرُعِ. وقال الفرّاءُ: من قرأَ المُنْشِئاتُ فَهُنَّ اللاَّتِي يُقْبِلْنَ ويُدْبِرْنَ، ويقال المُنْشِئاتُ: المُبْتَدِئاتُ في الجَرْي. قال: والمُنْشَآتُ أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبِرَ. قال الشماخ: عَلَيْها الدُّجَى مُسْتَنْشَآتٍ، كَأَنَّها *** هَوادِجُ، مَشْدُودٌ عَلَيْها الجَزاجِزُ يعني الزُّبَى المَرْفُوعات. والمُنْشَآتُ في البَحْرِ كالأَعْلامِ. قال: هي السُّفُنُ التي رُفِعَ قَلْعُها، وإِذا لم يُرفع قَلْعُها، فليست بِمُنْشآتٍ، واللّه أَعلم.
نصأ: نَصَأَ الدابةَ والبَعِيرَ يَنْصَؤُها نَصْأً إِذا زَجَرَها. ونَصَأَ الشيءَ نَصْأً، بالهمز رَفَعَه، لغة في نَصَيْتُ. قال طرفة: أَمُونٍ، كأَلْواحِ الإِرانِ، نَصَأْتُها *** على لاحِبٍ، كأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ
نفأ: النُّفَأُ: القِطَعُ من النّباتِ المُتَفَرِّقةُ هُنا وهنا. وقيل: هي رِياضٌ مُجْتَمِعةٌ تَنْقَطِع من مُعْظَم الكَلإِ وتُرْبِي عليه. قال الأَسود بن يَعْفُرَ: جادَتْ سَواريه، وآزَرَ نَبْتَه *** نُفَأٌ من الصَّفْراءِ والزُّبَّاد فهما نَبْتانِ من العُشْب، واحدته نُفْأَةٌ مثل صُبْرةٍ وصُبَرٍ، ونُفَأَةٌ، بالتحريك، على فُعَلٍ. وقوله: وآزَرَ نَبْتَه يُقَوِّي أَنَّ نُفَأَةً ونُفَأً من باب عُشَرَةٍ وعُشَرٍ، إِذ لو كان مكسراً لاحْتالَ حتى يَقولَ آزَرَتْ.
نكأ: نَكَأَ القَرْحةَ يَنْكَؤُها نَكْأً: قشرها قبل أَن تَبْرَأَ فَنَدِيَتْ. قال مُتَمِّم بن نُوَيْرَةَ: قَعِيدَكِ أَن لا تُسْمِعِينِي مَلامةً *** ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ، فَيِيجَعا ومعنى قَعِيدَكِ من قولهم: قِعْدَكَ اللّهَ إِلاَّ فَعَلْتَ، يُريدُون: نَشَدْتُك اللّه إِلا فَعَلْتَ. ونَكَأْتُ العَدُوَّ أَنْكَؤُهم: لغة في نَكَيْتُهم. التهذيب: نَكَأْتُ في العَدُوِّ نِكايةً. ابن السكيت في باب الحروف التي تهمز، فيكون لها معنى، ولا تهمز، فيكون لها معنى آخر: نَكَأْتُ القُرْحةَ أَنْكَؤُها إِذا قَرَفْتَها، وقد نَكَيْتُ في العَدُوِّ أَنْكِي نِكايةً أَي هَزَمْتُه وغَلَبْتُه، فنَكِيَ يَنْكَى نَكًى. ابن شميل: نَكَأْتُه حَقّه نَكْأً وزَكَأْتُه زَكْأً أَي قَضَيْتُه. وازْدَكَأْتُ منه حَقِّي وانْتَكَأْتُه أَي أَخَذْتُه. ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً: يَقْضِي ما عليه. وقولهم: هُنِّئْتَ ولا تُنْكَأْ أَي هَنَّأَكَ اللّهُ بما نِلْتَ ولا أَصابَكَ بوَجَعٍ. ويقال: ولا تُنْكَهْ مثل أَراقَ وهَراقَ. وفي التهذيب: أَي أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصَابكَ الضُّرُّ، يدعو له. وقال أَبو الهيثم: يقال في هذا المثل لا تَنْكَهْ ولا تُنْكَهْ جميعاً، مَنْ قال لا تَنْكَهْ، فالأَصل لا تَنْكَ بغير هاء، فإِذا وقفت على الكاف اجتمع ساكنان فحرّك الكاف وزيدت الهاءُ يسكتون عليها. قال: وقولهم هُنِّئْتَ أَي ظَفِرت بمعنى الدعاءِ له، وقولهم لا تُنْكَ أَي لا نُكِيتَ أَي لا جَعَلَك اللّهُ مَنْكِيّاً مُنْهَزِماً مَغْلوباً. والنَّكَأَةُ: لغة في النَّكَعَةِ، وهو نبت شبه الطُّرْثُوثِ. واللّه أَعلم.
نمأ: النَّمْءُ والنَّمْوُ القَمْلُ الصِّغارُ، عن كراع.
نهأ: النَّهِيءُ على مثال فَعيلٍ: اللَّحْمُ الذي لم يَنْضَجْ. نَهِئَ اللحمُ ونَهُؤَ نَهَأً، مقصور، يَنْهَأُ نَهْأً ونَهَأً ونَهَاءة، ممدود، على فَعَالةٍ، ونُهُوءة على فُعُولةٍ، ونُهُوءاً ونَهاوةً، الأَخيرة شاذة، فهو نَهِيءٌ، على فَعِيل: لم يَنْضَجْ. وهو بَيِّنُ النُّهُوءِ، ممدود مهموز، وبَيِّن النُّيُوءِ: مثل النُّيُوع. وأَنْهَأَه هو إِنْهاءً، فهو مُنْهَأٌ إِذا لم يُنْضِجْه. وأَنْهَأَ الأَمرَ: لم يُبْرِمْه. وشَرِبَ فلان حتى نَهَأَ أَي امتلأَ. وفي المثل: ما أُبالي ما نَهِئَ مِنْ ضَبِّكَ. ابن الأَعرابي: الناهِئُ: الشَّبْعانُ والرَّيّانُ، واللّه أَعلم.
نوأ: ناءَ بِحِمْلِه يَنُوءُ نَوْءاً وتَنْوَاءً: نَهَضَ بجَهْد ومَشَقَّةٍ. وقيل: أُثْقِلَ فسقَطَ، فهو من الأَضداد. وكذلك نُؤْتُ به. ويقال: ناءَ بالحِمْل إِذا نَهَضَ به مُثْقَلاً. وناءَ به الحِملُ إِذا أَثْقَلَه. والمرأَة تَنُوءُ بها عَجِيزَتُها أَي تُثْقِلُها، وهي تَنُوءُ بِعَجِيزَتِها أَي تَنْهَضُ بها مُثْقلةً. وناءَ به الحِمْلُ وأَناءَه مثل أَناعَه: أَثْقَلَه وأَمالَه، كما يقال ذهَبَ به وأَذْهَبَه، بمعنى. وقوله تعالى: ما إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أُولي القُوَّةٍ. قال: نُوْءُها بالعُصْبةِ أَنْ تُثْقِلَهم. والمعنى إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أَي تُمِيلُهم مِن ثِقَلِها، فإِذا أَدخلت الباءَ قلت تَنُوءُ بهم، كما قال اللّه تعالى: آتُوني أُفْرِغْ عَليْه قِطْراً. والمعنى ائْتُوني بقِطْرٍ أُفْرِغْ عليه، فإِذا حذفت الباءَ زدْتَ على الفعل في أَوله. قال الفرّاءُ: وقد قال رجل من أَهل العربية: ما إِنَّ العُصْبةَ لَتَنُوءُ بِمفاتِحِه، فَحُوِّلَ الفِعْلُ إِلى المَفاتِحِ، كما قال الراجز: إِنَّ سِراجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ، تَحْلى بهِ العَيْنُ، إِذا ما تَجْهَرُهْ وهو الذي يَحْلى بالعين، فإِن كان سُمِعَ آتوا بهذا، فهو وَجْه، وإِلاَّ فإِن الرجُلَ جَهِلَ المعنى. قال الأَزهري: وأَنشدني بعض العرب: حَتَّى إِذا ما التَأَمَتْ مَواصِلُهْ *** وناءَ، في شِقِّ الشِّمالِ، كاهِلُهْ يعني الرَّامي لما أَخَذَ القَوْسَ ونَزَعَ مالَ عَلَيْها. قال: ونرى أَنَّ قول العرب ما ساءَكَ وناءَكَ: من ذلك، إِلاَّ أَنه أَلقَى الأَلفَ لأَنه مُتْبَعٌ لِساءَكَ، كما قالت العرب: أَكَلْتُ طَعاماً فهَنَأَني ومَرَأَني، معناه إِذا أُفْرِدَ أَمْرَأَني فحذف منه الأَلِف لما أُتْبِعَ ما ليس فيه الأَلِف، ومعناه: ما ساءَكَ وأَناءَكَ. وكذلك: إِنِّي لآتِيهِ بالغَدايا والعَشايا، والغَداةُ لا تُجمع على غَدايا. وقال الفرَّاءُ: لَتُنِيءُ بالعُصْبةِ: تُثْقِلُها، وقال: إِنِّي، وَجَدِّك، لا أَقْضِي الغَرِيمَ، وإِنْ *** حانَ القَضاءُ، وما رَقَّتْ له كَبِدِي إِلاَّ عَصا أَرْزَنٍ، طارَتْ بُرايَتُها *** تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ. وقالوا: له عندي ما سَاءَه وَناءَه أَي أَثْقَلَه وما يَسُوءُه ويَنُوءُه. قال بعضهم: أَراد ساءَه وناءَه وإِنما قال ناءَه، وهو لا يَتَعدَّى، لأَجل ساءَه، فهم إِذا أَفردوا قالوا أَناءَه، لأَنهم إِنما قالوا ناءَه، وهو لا يتعدَّى لمكان سَاءَه ليَزْدَوِجَ الكلام. والنَّوْءُ: النجم إِذا مال للمَغِيب، والجمع أَنْواءٌ ونُوآنٌ، حكاه ابن جني، مثل عَبْد وعُبْدانٍ وبَطْنٍ وبُطْنانٍ. قال حسان بن ثابت، رضي اللّه عنه: ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنا بِها *** إِذا قَحَطَ الغَيْثُ، نُوآنُها وقد ناءَ نَوْءاً واسْتَناءَ واسْتَنْأَى، الأَخيرة على القَلْب. قال: يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشاصاً، كأَنَّه *** بِغَيْقةَ، لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ، جالِبُ قال أَبو حنيفة: اسْتَنْأَوُا الوَسْمِيَّ: نَظَرُوا إِليه، وأَصله من النَّوْءِ، فقدَّم الهمزةَ. وقول ابن أَحمر: الفاضِلُ، العادِلُ، الهادِي نَقِيبَتُه *** والمُسْتَناءُ، إِذا ما يَقْحَطُ المَطَرُ المُسْتَنَاءُ: الذي يُطْلَبُ نَوْءُه. قال أَبو منصور: معناه الذي يُطْلَبُ رِفْدُه. وقيل: معنى النَّوْءِ سُقوطُ نجم من المَنازِل في المغرب مع الفجر وطُلوعُ رَقِيبه، وهو نجم آخر يُقابِلُه، من ساعته في المشرق، في كل ليلة إِلى ثلاثة عشر يوماً. وهكذا كلُّ نجم منها إِلى انقضاءِ السنة، ما خلا الجَبْهةَ، فإِن لها أَربعة عشر يوماً، فتنقضِي جميعُها مع انقضاءِ السنة. قال: وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنَّه إِذا سقط الغارِبُ ناءَ الطالِعُ، وذلك الطُّلوع هو النَّوْءُ. وبعضُهم يجعل النَّوْءَ السقوط، كأَنه من الأَضداد. قال أَبو عبيد: ولم يُسْمع في النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلا في هذا الموضع، وكانت العرب تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ والبرد إِلى الساقط منها. وقال الأَصمعي: إِلى الطالع منها في سلطانه، فتقول مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا، وقال أَبو حنيفة: نَوْءُ النجم: هو أَوَّل سقوط يُدْرِكُه بالغَداة، إِذا هَمَّت الكواكِبُ بالمُصُوحِ، وذلك في بياض الفجر المُسْتَطِير. التهذيب: ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءاً إِذا سقَطَ. وفي الحديث: ثلاثٌ من أَمْرِ الجاهِليَّةِ: الطَّعْنُ في الأَنْسَابِ والنِّياحةُ والأَنْواءُ. قال أَبو عبيد: الأَنواءُ ثمانية وعشرون نجماً معروفة المَطالِع في أزْمِنةِ السنة كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف، يسقط منها في كل ثلاثَ عَشْرة ليلة نجمٌ في المغرب مع طلوع الفجر، ويَطْلُع آخَرُ يقابله في المشرق من ساعته، وكلاهما معلوم مسمى، وانقضاءُ هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاءِ السنة، ثم يرجع الأَمر إِلى النجم الأَوّل مع استئناف السنة المقبلة. وكانت العرب في الجاهلية إِذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من أَن يكون عند ذلك مطر أَو رياح، فيَنْسُبون كلَّ غيث يكون عند ذلك إِلى ذلك النجم، فيقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ. والأَنْوَاءُ واحدها نَوْءٌ. قال: وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنه إِذا سَقَط الساقِط منها بالمغرب ناءَ الطالع بالمشرق يَنُوءُ نَوْءاً أَي نَهَضَ وطَلَعَ، وذلك النُّهُوض هو النَّوْءُ، فسمي النجم به، وذلك كل ناهض بِثِقَلٍ وإِبْطَاءٍ، فإنه يَنُوءُ عند نُهوضِه، وقد يكون النَّوْءُ السقوط. قال: ولم أسمع أَنَّ النَّوْءَ السقوط إِلا في هذا الموضع. قال ذو الرمة: تَنُوءُ بِأُخْراها، فَلأْياً قِيامُها؛ *** وتَمْشِي الهُوَيْنَى عن قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ معناه: أَنَّ أُخْراها، وهي عَجيزَتُها، تُنِيئُها إِلى الأَرضِ لِضخَمِها وكَثْرة لحمها في أَرْدافِها. قال: وهذا تحويل للفعل أَيضاً. وقيل: أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ، وهو من الأَضْداد. قال شمر: هذه الثمانية وعشرون، التي أَراد أَبو عبيد، هي منازل القمر، وهي معروفة عند العرب وغيرهم من الفُرْس والروم والهند لم يختلفوا في أَنها ثمانية وعشرون، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها. ومنه قوله تعالى: والقَمَرَ قَدَّرْناه مَنازِلَ. قال شمر: وقد رأَيتها بالهندية والرومية والفارسية مترجمة. قال: وهي بالعربية فيما أَخبرني به ابن الأَعرابي: الشَّرَطانِ، والبَطِينُ، والنَّجْمُ، والدَّبَرانُ، والهَقْعَةُ، والهَنْعَةُ، والذِّراع، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ، والجَبْهةُ، والخَراتانِ، والصَّرْفَةُ، والعَوَّاءُ، والسِّماكُ، والغَفْرُ، والزُّبانَى، والإِكْليلُ، والقَلْبُ، والشَّوْلةُ، والنَّعائمُ، والبَلْدَةُ، وسَعْدُ الذَّابِحِ، وسَعْدُ بُلَعَ، وسَعْدُ السُّعُود، وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ، وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ، والحُوتُ. قال: ولا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بها كُلِّها إِنما تذكر بالأَنْواءِ بَعْضَها، وهي معروفة في أَشعارهم وكلامهم. وكان ابن الأَعرابي يقول: لا يكون نَوْءٌ حتى يكون معه مَطَر، وإِلا فلا نَوْءَ.قال أَبو منصور: أَول المطر: الوَسْمِيُّ، وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ. قال أَبو منصور: هما الفَرْغُ المُؤَخَّر ثم الشَّرَطُ ثم الثُّرَيَّا ثم الشَّتَوِيُّ، وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ، ثمَّ الذِّراعانِ، ونَثْرَتُهما، ثمَّ الجَبْهةُ، وهي آخِر الشَّتَوِيِّ، وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي، ثم الصَّيْفِيُّ، وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ، والآخرُ الرَّقيبُ، وما بين السِّماكَيْنِ صَيف، وهو نحو من أَربعين يوماً، ثمَّ الحَمِيمُ، وهو نحو من عشرين ليلة عند طُلُوعِ الدَّبَرانِ، وهو بين الصيفِ والخَرِيفِ، وليس له نَوْءٌ، ثمَّ الخَرِيفِيُّ وأَنْواؤُه النَّسْرانِ، ثمَّ الأَخْضَرُ، ثم عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ. قال أَبو منصور: وهما الفَرْغُ المُقَدَّمُ. قال: وكلُّ مطَر من الوَسْمِيِّ إِلى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ. وقال الزجاج في بعض أَمالِيهِ وذَكر قَوْلَ النبي، صلى اللّه عليه وسلم: مَنْ قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَر باللّهِ، ومن قال سَقانا اللّهُ فقد آمَنَ باللهِ وكَفَر بالنَّجْمِ. قال: ومعنى مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا، أَي مُطِرْنا بطُلوع نجم وسُقُوط آخَر. قال: والنَّوْءُ على الحقيقة سُقُوط نجم في المَغْرِب وطُلوعُ آخَرَ في المشرق، فالساقِطةُ في المغرب هي الأَنْواءُ، والطالِعةُ في المشرق هي البَوارِحُ. قال، وقال بعضهم: النَّوْءُ ارْتِفاعُ نَجْمٍ من المشرق وسقوط نظيره في المغرب، وهو نظير القول الأَوَّل، فإِذا قال القائل مُطِرْنا بِنَوْءِ الثرَيَّا، فإِنما تأْويله أَنه ارتفع النجم من المشرق، وسقط نظيره في المغرب، أَي مُطِرْنا بما ناءَ به هذا النَّجمُ. قال: وإِنما غَلَّظَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها لأَنَّ العرب كانت تزعم أَن ذلك المطر الذي جاءَ بسقوطِ نَجْمٍ هو فعل النجم، وكانت تَنْسُبُ المطر إِليه، ولا يجعلونه سُقْيا من اللّه، وإِن وافَقَ سقُوطَ ذلك النجم المطرُ يجعلون النجمَ هو الفاعل، لأَن في الحديث دَلِيلَ هذا، وهو قوله: مَن قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَرَ باللّهِ. قال أَبو إِسحق: وأَما من قال مُطِرْنا بُنَوْءِ كذا وكذا ولم يُرِدْ ذلك المعنى ومرادُه أَنا مُطِرْنا في هذا الوقت، ولم يَقْصِدْ إِلى فِعْل النجم، فذلك، واللّه أَعلم، جائز، كما جاءَ عن عُمَر، رضي اللّه عنه، أَنه اسْتَسْقَى بالمُصَلَّى ثم نادَى العباسَ: كم بَقِيَ مِن نَوْءِ الثُرَيَّا؟ فقال: إِنَّ العُلماءَ بها يزعمون أَنها تَعْتَرِضُ في الأُفُقِ سَبْعاً بعد وقُوعِها، فواللّهِ ما مَضَتْ تلك السَّبْعُ حتى غِيثَ الناسُ، فإِنما أَراد عمر، رضي اللّه تعالى عنه، كم بَقِيَ من الوقت الذي جرت به العادة أَنه إِذا تَمَّ أَتَى اللّهُ بالمطر. قال ابن الأَثير: أَما مَنْ جَعلَ المَطَر مِنْ فِعْلِ اللّهِ تعالى، وأَراد بقوله مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا أَي في وَقْت كذا، وهو هذا النَّوْءُ الفلاني، فإِن ذلك جائز أَي إِن اللّهَ تعالى قد أَجْرَى العادة أَن يأْتِيَ المَطَرُ في هذه الأَوقات. قال: ورَوى عَليٌّ، رضي اللّه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال في قوله تعالى: وتَجْعَلُون رِزْقَكم أَنكم تُكَذِّبُونَ؛ قال: يقولون مُطِرْنا بنوءِ كذا وكذا. قال أَبو منصور: معناه: وتَجْعَلُون شُكْرَ رِزْقِكم، الذي رَزَقَكُمُوه اللّهُ، التَّكْذِيبَ أَنه من عندِ الرَّزَّاقِ، وتجعلون الرِّزْقَ من عندِ غيرِ اللّهِ، وذلك كفر؛ فأَما مَنْ جَعَلَ الرِّزْقَ مِن عِندِ اللّهِ، عز وجل، وجَعَل النجمَ وقْتاً وقَّتَه للغَيْثِ، ولم يَجعلْه المُغِيثَ الرَّزَّاقَ، رَجَوْتُ أَن لا يكون مُكَذِّباً، واللّه أَعلم. قال: وهو معنى ما قاله أَبو إِسحق وغيره من ذوي التمييز. قال أَبو زيد: هذه الأَنْواءُ في غَيْبوبة هذه النجوم. قال أَبو منصور: وأَصل النَّوْءِ: المَيْلُ في شِقٍّ. وقيل لِمَنْ نَهَضَ بِحِمْلِهِ: ناءَ به، لأَنه إِذا نَهَضَ به، وهو ثَقِيلٌ، أَناءَ الناهِضَ أَي أَماله. وكذلك النَّجْمُ، إِذا سَقَطَ، مائلٌ نحوَ مَغِيبه الذي يَغِيبُ فيه، وفي بعض نسخ الإِصلاح: ما بِالبادِيَةِ أَنْوَأُ من فلان، أَي أَعْلَمُ بأَنْواءِ النُّجوم منه، ولا فعل له. وهذا أَحد ما جاءَ من هذا الضرب من غير أَن يكون له فِعْلٌ، وإِنما هو من باب أَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعِيرَيْنِ. قال أَبو عبيد: سئل ابن عبَّاس، رضي اللّه عنهما، عن رجل جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِه بِيَدِها، فقالت له: أَنت طالق ثلاثاً، فقال ابن عَبَّاس: خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها أَلاّ طَلَّقَتْ نَفْسها ثلاثاً. قال أَبو عبيد: النَّوْءُ هو النَّجْم الذي يكون به المطر، فَمن هَمَز الحرف أَرادَ الدُّعاءَ عليها أَي أَخْطَأَها المَطَرُ، ومن قال خطَّ اللهُ نَوْءَها جَعَلَه من الخَطِيطَةِ. قال أَبو سعيد: معنى النَّوْءِ النُّهوضُ لا نَوْءُ المطر، والنَّوْءُ نُهُوضُ الرَّجل إِلى كلِّ شيءٍ يَطْلُبه، أَراد: خَطَّأَ اللّهُ مَنْهَضَها ونَوْءَها إِلى كلِّ ما تَنْوِيه، كما تقول: لا سَدَّدَ اللّهُ فلاناً لما يَطْلُب، وهي امرأَة قال لها زَوْجُها: طَلِّقي نَفْسَكِ، فقالت له: طَلَّقْتُكَ، فلم يَرَ ذلك شيئاً، ولو عَقَلَتْ لَقالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي. وروى ابن الأَثير هذا الحديثَ عن عُثمانَ، وقال فيه: إِنَّ الله خَطَّأَ نَوْءَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَها. وقال في شرحه: قيل هو دُعاءٌ عليها، كما يقال: لا سَقاه اللّه الغَيْثَ، وأَراد بالنَّوْءِ الذي يَجِيءُ فيه المَطَر. وقال الحربي: هذا لا يُشْبِهُ الدُّعاءَ إِنما هو خبر، والذي يُشْبِهُ أَن يكون دُعاءً حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ، رضي اللّه عنهما: خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها، والمعنى فيهما لو طَلَّقَتْ نَفْسَها لوقع الطَّلاق، فحيث طَلَّقَتْ زوجَها لم يَقَعِ الطَّلاقُ، وكانت كمن يُخْطِئُه النَّوْءُ، فلا يُمْطَر. وناوَأْتُ الرَّجُلَ مُناوَأَةً ونِوَاءً: فاخَرْتُه وعادَيْتُه. يقال: إِذا ناوَأْتَ الرجلَ فاصْبِرْ، وربما لم يُهمز وأَصله الهمز، لأَنه من ناءَ إِلَيْكَ ونُؤْتَ إِليه أَي نَهَضَ إِليكَ وَنهَضْتَ إِليه. قال الشاعر: إِذا أَنْتَ ناوَأْتَ الرِّجالَ، فَلَمْ تَنُؤْ *** بِقَرْنَيْنِ، غَرَّتْكَ القُرونُ الكَوامِلُ ولا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطاحِ، الذي به *** تَنُوءُ، وقَرْنٌ كُلَّما نُؤْتَ مائِلُ والنَّوْءُ والمُناوَأَةُ: المُعاداةُ. وفي الحديث في الخيل: ورجُلٌ رَبَطَها فَخْراً ورِياءً ونِوَاءً لأَهل الإِسلام، أَي مُعاداةً لهم. وفي الحديث: لا تَزالُ طائفةٌ من أُمتي ظاهرينَ على مَن ناوَأَهم؛ أَي ناهَضَهم وعاداهم.
نيأ: ناءَ الرجلُ، مثل ناعَ، كَنَأَى، مقلوب منه: إِذا بعد، أَو لغة فيه. أَنشد يعقوب: أَقولُ، وقد ناءَتْ بِهِمْ غُرْبةُ النَّوَى *** نَوًى خَيْتَعُورٌ، لا تَشِطُّ دِيارُكِ واستشهد الجوهري في هذا الموضع بقول سهم بن حنظلة: مَنْ إِنْ رآكَ غَنِيَّأً لانَ جانِبُه؛ *** وإِنْ رَآكَ فَقِيراً ناءَ، فاغْتَربا ورأَيت بخط الشيخ الصلاح المحدّث، رحمه اللّه، أَنَّ الذي أَنشده الأَصمعي ليس على هذه الصورة، وإِنما هو: إِذا افْتَقَرْتَ نَأَى، واشْتَدَّ جانِبُه؛ *** وإِنْ رَآكَ غَنِياًّ لانَ، واقْتَرَبا وناءَ الشيءُ واللَّحْمُ يَنِيءُ نَيْئاً، بوزن ناعَ يَنِيعُ نَيْعاً، وأَنَأْتُه أَنا إِناءة إِذا لم تُنْضِجْه. وكذلك نَهِئَ اللحمُ، وهو لَحْمٌ بَيِّنُ النُّهُوءِ والنُّيُوءِ، بوزن النُّيُوعِ، وهو بَيِّنُ النُّيُوءِ والنُّيُوءة: لم يَنْضَجْ. ولحم نِيءٌ، بالكسر، مثل نِيعٍ: لم تَمْسَسْه نار؛ هذا هو الأَصل. وقد يُترك الهمز ويُقلب ياءً فيقال: نِيٌّ، مشدَّداً. قال أَبو ذؤيب: عُقارٌ كَماءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بخَمْطةٍ؛ *** ولا خَلَّةٍ، يَكْوِي الشَّرُوبَ شِهابُها شِهابُها: نارُها وحِدَّتُها. وأَناءَ اللحمَ يُنيئُه إِناءة إِذا لم يُنْضِجْه. وفي الحديث: نَهَى عن أَكل اللَّحْم النِّيءِ: هو الذي لم يُطْبَخْ، أَو طُبِخَ أَدْنَى طَبْخ ولم يُنْضَجْ. والعرب تقول: لحمٌ نِيٌّ، فيحذفون الهمز وأَصله الهمز. والعرب تقول للبَن المَحْضِ: نِيءٌ، فإِذا حَمُضَ، فهو نَضِيج. وأَنشد الأَصمعي: إِذا ما شِئْتُ باكَرَني غُلامٌ *** بِزِقٍّ، فيه نِيءٌ، أَو نَضِيجُ وقال: أَراد بالنِّيءِ خَمْراً لم تَمَسَّها النارُ، وبالنَّضِيجِ المَطْبُوخَ. وقال شمر: النِّيءُ من اللبن ساعةَ يُحْلَبُ قبل أَن يُجْعَلَ في السِّقاءِ. قال شمر: وناءَ اللحمُ يَنُوءُ نَوْءاً ونِيّاً، لم يهمز نِيّاً، فإِذا قالوا النَّيُّ، بفتح النون، فهو الشحم دون اللحم. قال الهذلي: فظَلْتُ، وظَلَّ أَصْحابي، لَدَيْهِمْ *** غَريضُ اللَّحْم: نِيٌّ أو نَضِيجُ
هأهأ: الهَأْهاءُ: دُعاءُ الإِبل إِلى العَلَفِ؛ وهو زَجْر الكلب وإِشْلاؤُه؛ وهو الضَّحِكُ العالِي. وهَأْهَأَ إِذا قَهْقَهَ وأَكثر المَدَّ. وأَنشد: أَهَأْأَهَأْ، عِند زادِ القَوْمِ، ضِحْكُهُمُ *** وأَنتُمُ كُشُفٌ، عندَ اللِّقا، خُورُ؟ الأَلف قبل الهاء، للاستفهام، مُسْتَنْكر. وهَأْهَأَ بالإِبِلِ هِئْهاءً وهَأْهاءً، الأَخيرة نادرةٌ: دعاها إِلى العَلَفِ، فقال هِئْ هِئْ. وجارية هَأْهأَةٌ، مقصور: ضَحَّاكةٌ. وجَأْجَأْتُ بالإِبل: دَعَوْتُها للشُّرْب. والاسم الهِيءُ والجِيءُ، وقد تقدّم ذلك. الأَزهري: هاهَيْتُ بالإِبل: دَعَوْتُها. وهَأْهَأْتُ للْعَلَف، وجَأْجَأْتُ بالإِبل لتشرب. والاسم منه: الهِيءُ والجِيءُ. وأَنشد لمعاذ بن هَرَّاءٍ: وما كانَ، على الهِيءِ *** ولا الجِيءِ، امْتِداحِيكا رأَيت بخط الشيخ شرف الدين المُرْسِي بن أَبي الفَضْل: أَنَّ بخط الأَزهري الهِيءِ والجِيءِ، بالكسر. قال: وكذلك قيَّدهما في الموضعين من كتابه. قال: وكذلك في جامع اللحياني: رجلٌ هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ من الضَّحِكِ. وأَنشد: يا رُبَّ بَيْضاءَ مِنَ العَواسِجِ *** هَأْهَأَةٍ، ذاتِ جَبِينٍ سارج
هبأ: الهَبْءُ: حَيٌّ.
هتأ: هَتَأَه بالعَصا هَتْأً: ضرَبَه. وتَهَتَّأَ الثوبُ: تَقَطَّعَ وبَلِيَ، بالتاء باثنتين. وكذلك تَهَمَّأَ، بالميم، وتَفَسَّأَ. وكلٌّ مذكور في موضعه.
ومَضَى من الليل هَتْءٌ وهِتْءٌ وهِيتَأٌ وهِيتَاءٌ وهَزيعٌ أَي وقت. أَبو الهيثم: جاء بعد هَدْأَةٍ من الليل وهَتْأَةٍ. اللحياني: جاء بعد هَتِيءٍ، على فَعِيلٍ، وهَتْءٍ، على فَعْلٍ، وهَتْيٍ، بلا همز، وهِتاءٍ وهِيتاءٍ، ممدودان. ابن السكيت: ذهَب هِتْءٌ من الليل، وما بقيَ إِلا هِتْءٌ، وما بَقيَ من غنمهم إِلا هِتْءٌ، وهو أَقلُّ من الذَّاهبة. وفيها هَتَأٌ شديد، غير ممدود، وهُتُوءٌ، يريدُ شَقٌّ وخَرْقٌ.
هجأ: هَجِئَ الرَّجُل هَجَأً: التَهبَ جُوعُه، وهَجَأَ جُوعُه هَجْأً وهٌجُوءاً: سكن وذهَب. وهَجَأَ غَرَثِي يَهْجَأُ هَجْأً: سَكَنَ وذهَب وانْقَطَع. وهَجَأَه الطعامُ يَهْجَؤُهْ هَجْأً: مَلأَه، وهَجَأَ الطعامَ: أَكله. وأَهْجَأَ الطعامُ غَرَثِي: سكَّنه وقَطَعَه، إِهْجاءً. قال: فأَخْزاهُمُ رَبِّي، ودَلَّ عَلَيْهِمُ *** وأَطْعَمَهُم من مَطْعَمٍ غَيْرِ مُهْجِئِ
وهَجَأً الإِبلَ والغنمَ وأَهْجَأَها: كَفَّها لِتَرْعى. والهِجاءُ، ممدود: تَهْجِئَةُ الحرف. وتَهَجَّأْت الحرف وتهجيته، بهمز وتبديل. أَبو العباس: الهَجَأُ يُقصر ويهمز، وهو كلُّ ما كنت فيه، فانْقَطَع عنك. ومنه قول بشار، وقَصَره ولم يهمز، والأَصل الهمز: وقَضَيْتُ مِنْ وَرَقِ الشَّبابِ هَجاً *** مِنْ كُلِّ أَحْوَزَ راجِحٍ قَصَبُهْ وأَهْجَأْتُه حَقَّه وأَهْجَيْتُه حَقَّه إِذا أَدّيته إِليه.
هدأ: هَدَأَ يَهْدَأُ هَدْءاً وهُدُوءاً: سَكَن، يكون في سكون الحركة والصَّوْت وغيرهما. قال ابن هَرْمةَ: لَيْتَ السِّباعَ لنَا كانت مُجاوِرةً *** وأَنَّنا لا نَرَى، مِمَّنْ نَرَى، أَحَدا إِنَّ السِّباعَ لَتَهْدا عن فَرائِسها *** والناسُ ليس بهادٍ شَرُّهم أَبَدا أَراد لَتَهْدَأُ وبهادِئٍ، فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً، وذلك أَنه جعلها ياءً، فأَلحق هادِياً برامٍ وسامٍ، وهذا عند سيبوبه إِنما يؤخذ سماعاً لا قياساً. ولو خففها تخفيفاً قياسياً لجعلها بين بين، فكان ذلك يكسر البيت والكسر لا يجوز، وإِنما يجوز الزِّحافُ. والاسم: الهَدْأَةُ، عن اللحياني. وأَهْدَأَه: سَكَّنه. وهَدَأَ عنه: سَكَنَ. أَبو الهيثم يقال: نَظَرْتُ إِلى هَدْئِه، بالهمز، وهَدْيِه. قال: وإِنما أَسقطوا الهمزة فجعلوا مكانها الياء، وأَصلها الهمز، من هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سكن. وأَتانا وقد هَدَأَتِ الرِّجْلُ أَي بعدَما سكَنَ الناسُ بالليل. وأَتانا بعدَما هَدَأَتِ الرِّجْلُ والعَيْنُ أَي سَكَنَتْ وسَكَنَ الناسُ بالليل. وهَدَأَ بالمكان: أَقام فسَكَن. ولا أَهْدَأَه اللّه: لا أَسْكَنَ عَناءَهُ ونَصَبَه. وأَتانا وقد هَدَأَتِ العيونُ، وأَتانا هُدُوءاً إِذا جاءَ بعد نَوْمةٍ. وأَتانا بعدَ هُدْءٍ من الليل وهَدْءٍ وهَدْأَةٍ وهَدِيءٍ، فَعِيلٍ، وهُدُوءٍ، فُعولٍ، أَي بعد هَزِيعٍ من الليل، ويكون هذا الأَخير مصدراً وجمعاً، أَي حين سكَن الناسُ. وقد هَدَأَ الليلُ، عن سيبويه، وبعدما هَدَأَ الناسُ أَي ناموا. وقيل: الهَدْءُ من أَوَّله إِلى ثلثه، وذلك ابْتِداءُ سكُونه. وفي الحديث: إِيَّاكُم والسَّمَرَ بعد هَدْأَةِ الرِّجْل. الهَدْأَةُ والهُدُوءُ: السكون عن الحركات، أَي بعدما يَسْكُنُ الناسُ عن المَشْي والاختِلافِ في الطُّرُقِ. وفي حديث سَوادِ بن قارِبٍ: جاءَني بعد هَدْءٍ من الليل أَي بعد طائفةٍ ذهَبَتْ منه. والهَدْأَةُ: موضع بين مكة والطائِف، سُئل أَهلها لِمَ سُمِّيَتْ هَدْأَةً، فقالوا: لأَن المطر يُصِيبها بعد هَدْأَةٍ من الليل. والنَّسَبُ إِليه هَدَوِيٌّ، شاذٌّ من وجهين: أَحدهما تحريك الدال، والآخَر قلب الهمزة واواً. وما له هِدْأَةُ ليلةٍ، عن اللحياني، ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَن معناه ما يقُوتُه، فَيُسَكِّنُ جُوعَه أو سَهَرَه أَو هَمَّه. وهَدَأَ الرَّجُلُ يَهْدَأُ هُدُوءاً: مات. وفي حديث أُم سليم قالت لأَبي طلحة عن ابنها: هو أَهْدَأُ مما كان أَي أَسْكَنُ؛ كَنَتْ بذلك عن الموت تَطْيِيباً لِقَلْبِ أَبيِه. وهَدِئَ هَدَأً، فهو أَهْدَأُ: جَنِئَ. وأَهْدَأَه الضَرْبُ أَو الكِبَرُ. والهَدَأُ: صِغَرُ السَّنامِ يعتري الإِبل من الحَمْلِ وهو دون الجَبَبِ. والهَدْآءُ من الإِبل: التي هَدِئَ سَنامُها من الحَمْل ولَطَأَ عليه وبَرُه ولم يُجْرَحْ. والأَهْدَأُ من المَناكِب: الذي دَرِمَ أَعْلاه واسْتَرْخَى حَبْلُه. وقد أَهْدَأَه اللّه. ومَرَرْتُ برجل هَدْئِك من رجل، عن الزجاجي، والمعروف هَدِّكَ من رجل. وأَهْدَأْتُ الصبيَّ إِذا جعلت تَضْرِبُ عليه بكَفِّك وتُسَكِّنُه لِيَنامَ. قال عديّ بن زيد: شَئِزٌ جَنْبِي كأَنِّي مُهْدَأ *** جَعَلَ القَيْنُ على الدَّفِّ الإِبَرْ وأَهْدَأْتُه إِهْدَاءً. الأَزهري: أَهْدَأَتِ المرأَةُ صَبيَّها إِذا قارَبَتْه وسَكَّنَتْه لِيَنام، فهو مُهْدَأ. وابن الأَعرابي يروي هذا البيت مُهْدَأ، وهو الصبي المُعَلَّلُ لِيَنامَ. ورواه غيره مَهْدَأً أَي بعد هَدْءٍ من الليل. ويقال: تركت فلاناً على مُهَيْدِئَتِه أَي على حالَتِه التي كان عليها، تصغير المَهْدَأَةِ. ورجل أَهْدَأُ أَي أَحْدَبُ بَيِّنُ الهَدَإِ. قال الراجز في صفة الرَّاعي: أَهْدَأُ، يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ الأَزهري عن الليث وغيره: الهَدَأُ مصدر الأَهْدَإِ. رجل أَهْدَأُ وامرأَة هَدْآءُ، وذلك أَن يكون مَنْكِبه منخفضاً مستوياً، أَو يكون مائلاً نحو الصدر غير مُنْتَصِبٍ. يقال مَنْكِبٌ أَهْدَأُ. وقال الأَصمعي: رجل أَهْدَأُ إِذا كان فيه انْحِناءٌ، وهَدِئَ وجَنِئَ إِذا انحنى.
هذأ: هَذَأَه بالسيف وغيره يَهْذَؤُه هَذْءاً: قَطَعَه قَطْعاً أَوْحَى من الهَذِّ. وسَيْفٌ هَذَّاءٌ: قاطِعٌ. وهَذَأَ العَدُوَّ هَذْءاً: أَبارَهم وأَفناهم. وهَذَأَ الكلامَ إِذا أَكثر منه في خَطَإِ. وهَذَأَه بلسانه هَذْءاً: آذاه وأَسْمَعَه ما يَكْرَه. وتَهَذَّأَتِ القَرْحةُ تَهَذُّؤاً وتَذَيَّأَتْ تَذَيُّؤاً: فَسَدَتْ وتَقَطَّعَت. وهَذَأْتُ اللحم بالسِّكِّين هَذْءاً إِذا قَطَعْتَه به.
|